من أنفع الأمور لمعرفة مكامن النقص والخطأ ، ومن ثم معالجتها بعد توفيق الله تعالى : محاسبة العبد نفسه ، وعدم التماس الأعذار الواهية يزيد صاحبها رسوخا في أخطائه ، بل قد تنقلب تلك الأخطاء صوابا في نظره ، وهنا تعظم المصيبة ، وعلى هذا فينبغي أن يجعل مريد الإصلاح محاسبة نفسه بصدق نصب عينيه دائما ، وسيرى من التوفيق والخير ما يسره بإذن الله تعالى وكما قيل ( لايكون الرجل تقيا حتى يكون لنفسه أشد محاسبة من الشريك لشريكه وحتى يعلم من أين ملبسه ومطعمه ومشربه ، وإن مما يعين على محاسبة النفس بصدق : أن يختار وقتا مناسبا حتى يكون خاليا من الطوارق والشواغل ، فإنه كلما كان العبد بعيدا عن ما يشغل فكره ، كان أكثر إستجماعا لمشاعره وأحاسيسه ، وكانت نفسه أكثر تقبلا لمعرفة مواضع النقص أو الخلل ، أيا كان نوعه ، قال ابن القيم رحمه الله تعالى : عند كلامه عن الأسباب المنجية من عذاب القبر ( أن يجلس الرجل عندما يريد النوم ساعة ، يحاسب نفسه فيها على ما خسره وربحه من يومه ، ثم يجدد له توبة نصوحا بينه وبين الله ، فينام على تلك التوبة ) .ثم قال رحمه الله تعالى ويفعل ذلك كل ليلة ) . وقال بعضهم ( الرجل ينبئ عما في نفسه في ثلاث مواضع ... وعد منها منها : عند إضطجاعه على فراشه ) ولقد كان السلف رحمهم الله تعالى من أشد الناس محاسبة لأنفسهم وتفقدها صباح مساء ، إدراكا منهم لأهمية هذا الجانب في إستقامة أمرهم وصلاح شأنهم.
والله تعالى أعلم .
والله تعالى أعلم .