فضل ذكر الله
يقول الله تبارك وتعالى: « اتل ما أوحي إليك من الكتاب وأقم الصلاة، إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، ولذكر الله أكبر. والله يعلم ما تصنعون » سورة العنكبوت الآية 45.ذكر الله هو الأمر الأعظم والأكبر الذي من أجله شرعت العبادات، فالصلاة ذكر لله والصوم مذكر بالله، والحج يذكر فيه اسم الله ... يقول عز من قائل: « الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم لذكر الله، ألا بذكر الله تطمئن القلوب » سورة الرعد الآية 28.فمن صفات المؤمنين الاطمئنان لذكر الله وبذكر الله، ولا طمأنينة إلا بذكره سبحانه، نذكره فيذكرنا « فاذكروني أذكركم » سورة البقرة الآية 152. قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما لأصحابه « سبق المفردون » قالوا وما المفردون يا رسول الله ! قال «الذاكرون الله كثيرا والذاكرات» رواه الإمام مسلم عن أبي هريرة. وفي رواية الترمذي قالوا يا رسول الله! ما المفردونِ ؟ قال: « المستهترون بذكر الله، يضع الذكر عنهم أثقالهم » والاستهتار الولوع والمواظبة عن حب ورغبة ذاتية. أخرج الإمام أحمد والطبراني رحمهما الله عن سيدنا معاذ بن أنس عن أبيه رضي الله عنهما عن سيدنا رسول الله أن رجلا سأله فقال "أي المجاهدين أعظم أجرا" قال« أكثرهم لله ذكرا» قال وأي الصائمين أعظم لله أجرا قال « أكثرهم لله ذكرا » ثم ذكر الصلاة والزكاة والحج والصدقة كل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول« أكثرهم لله ذكرا » فقال أبو بكر الصديق لعمر رضي الله تعالى عنه يا أبا حفص ذهب الذاكرون الله بكل خير فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم«أجل ». جعلنا الله من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات.
أما السبيل لكي يكون المرء من الذاكرين، فلابد أن يكون معهم « واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه » سورة الكهف الآية 28. معهم صبرا، معهم تحملا، معهم حملا لأعباء الدعوة والجهاد، وهم جميعا مع من منَّ الله عليه بالوراثة لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال عليه الصلاة والسلام: « الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل» أخرجه الإمامان أبو داود والترمذي رحمهما الله عن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه.
الذكر كلمات يتحرك بها اللسان، لكن لتكون حركة القلب بالذكر لابد من قلب أناره الله يصحب ويحب، ليقتبس منه، ومع الصحبة جماعة للتعاون على ذكر الله وطاعته. الجماعة تحتضن والصحبة تربي وترعى وتسقي حتى يرتبط القلب بقلب المصحوب الأعظم سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومع هذين الشرطين، شرط الذكر، وشرط الصحبة والجماعة، لا بد من همة عالية وهي صدق المقبل المريد، فعلى قدر الإقدام والإقبال يكون العطاء من الله والإمداد. أخرج الإمام البخاري رحمه الله عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إن الله قال: من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته: كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينَّه، ولئن استعاذني لأعيذنَّه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن، يكره الموت وأنا أكره مساءته ».